كتبت عضوة الكنيست عن الاتحاد الصهيوني “كسينيا سفيتلوفا” مقالًا للرأي فى صحيفة جيروسالم بوست الإسرائيلية، تناولت فيه ما رأته تدهورًا ملحوظًا في مكونات السلام بين مصر وإسرائيل، وإليكم نص المقال، ترجمة وتحرير ميدسو:
رفرف العلمان المصري الإسرائيلي والمصرية معًا في هذا الحدث، وتحدث رئيس إسرائيل وآخرون عن الصداقة والتحالف الحقيقي والأمل الحقيقيين، لقد كان الحفل، الذي مر عليه 40 سنة منذ زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل، ملهمًا بالفعل.
ولكن هنالك ما نغص بهجة هذا الحدث الكامل، فلم يكن هناك حتى ضيف واحد من مصر، باستثناء السفير حازم خيرت، للاحتفال بزيارة السادات لإسرائيل واتفاقية السلام التي أعقبت زيارته.
وبينما يحتفل الإسرائيليون بمرور 40 عامًا من السلام – سلام مخلوط ببعض المشاكل ولكن لايزال سلام – يفضل الكثيرون في مصر أن ينأوا بأنفسهم عن ما لا يزال ينظر إليه الجمهور على أنه أمر مرفوض: تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ويرى العديد من المصريين أن الجزء المتعلق بالقضية الفلسطينية في اتفاقات كامب ديفيد لم يتحقق أبدًا، وأن الاتصالات مع إسرائيل يجب أن تخفض إلى الحد الأدنى اللازم.
من المهم التأكيد على أن هذا الحد الأدنى الضروري يتضمن التعاون العسكري.
وخلال السنوات القليلة الماضية، منذ تولي عبد الفتاح السيسي السلطة في 2013، تحسنت العلاقات بشكل كبير، وقد أجبر الوضع الخطير للغاية في شمال سيناء قادة البلدين على العمل معًا ضد التمرد في شبه الجزيرة.
كما اتفقوا على التقارب حول قضايا محددة تتعلق بالأمن في غزة، مثل الأنفاق التي استخدمت لتهريب الأسلحة والمسلحين من مصر إلى غزة.
لم يحدث من قبل أن يعمل رئيس وزراء إسرائيلي ورئيس مصري بشكل وثيق مع بعضهما البعض، ولم يسبق لهما أبدًا أن يناقش عسكرييهما القضايا بحرية تامة وأن يعملا معًا ضد التهديدات الأمنية.
وقال ممثلو مجلس الأمن القومي الذين شاركوا في إحدى المناقشات حول هذه المسألة في الكنيست أنهم يفضلون الجانب العسكري للعلاقات في أي قضية أخرى مشيرين إلى أهمية التنسيق الأمني بين البلدين.
فهل يعني سير التعاون العسكري على ما يرام بالضرورة رضا إسرائيل وتركها بعض مظاهر العلاقات الثنائية: الدبلوماسية والتجارة والثقافة، وما إلى ذلك؟
من السهل ترك النقاش حول تطبيع العلاقات مع مصر من خلال الإشارة إلى أن السلام مع مصر لطالما كان باردًا، في الوقت الذي كان فيه العداء تجاه إسرائيل مزدهرًا ومتبادلًا بين المثقفين ووسائل الإعلام، ومع ذلك، وكما يحدث في كثير من الأحيان في الشرق الأوسط، يمكن دائمًا للأمور أن تزداد سوءًا إذا لم يتم التعامل معها.
ويبدو أن الجليد لايزال يتراكم على العلاقات المجمدة أصلًا بين البلدين منذ 40 عامًا من الزيارة التاريخية، والتي بدأت في التفكك في كل نواحيها ماعدا العسكري منها، وتشهد هذه الجوانب انسحابًا خطيرًا حتى من نجاحات الماضي المتواضعة.
فلا علاقة اليوم بين المجتمعات المدنية; لاتزال مكافحة التطبيع في مصر قوية جدًا، ولا تعاون أكاديمي ولا محادثات وزيارات من الشخصيات الفكرية البارزة مثل سعد الدين إبراهيم أو علي سالم، وقد غاب السفير الإسرائيلي عن مصر لمدة تسعة أشهر ولم يعد إلى البلاد إلا بعد جهود هائلة ومفاوضات طويلة.
هذا ولا توجد تجارة بين الطرفين، حتى أن مناطق اتفاقية “الكويز” الصناعية، التي أنشئت بالتعاون مع إسرائيل، آخذة في التقلص، ويخشى رجال الأعمال الإسرائيليون الذين اعتادوا السفر إلى مصر بانتظام من عدم الاستقرار، وتتوارى الشركات المصرية من التعاون المباشر مع إسرائيل خجلًا وخوفًا من رد فعل عنيف من قبل أنصار المقاطعة في بلادهم.
كما لم يصبح التعاون في إنتاج الغاز الطبيعي واعدًا أيضًا، حيث اكتشف المصريون حقل غاز هائل وقد يعرض هذا الاكتشاف الصفقات التي وقعت بالفعل للخطر، ولكن الأخطر من ذلك هو الموقف السلبي جدًا تجاه التعاون في الشارع المصري.
لقد توقفت السياحة من إسرائيل إلى مصر تقريبًا لأسباب أمنية، وشهدت الشواطئ الذهبية لجنوب سيناء فقط زيادة متواضعة خلال الأعياد اليهودية.
وهنالك بالطبع وسائل الإعلام، حيث يبدو أنه بعد التوقف عن معاداتها لإسرائيل ستعود إلى نظريات المؤامرة التي تلعب فيها إسرائيل الأدوار الرئيسية وإلقاء اللوم على إسرائيل للتعاون مع تنظيم الدولة.
وجميع ما سبق يعني تقلص دائرة المصريين الذين يتعاملون مع إسرائيل والإسرائيليين بشكل مثير للقلق فلا تجارة ولا تبادل أكاديمي ولا سياحة ولا تعاون بين المجتمع المدني، ولا يعمل مع الإسرائيليين سوى دوائر محددة جدًا في الجيش، في حين يغفل الجميع عن العلاقات الإسرائيلية المصرية.
من المؤكد أن تجدد المفاوضات مع الفلسطينيين التي ستنتهي بالتوقيع على معاهدة سلام بين الجانبين يمكنه أن يقود العلاقات ليس بين إسرائيل والقاهرة فحسب بل أيضًا بين إسرائيل وعمان والرياض وأبو ظبي وعواصم عربية أخرى، ومن شأن ذلك أن يغير المعادلة القائمة بين إسرائيل والعالم العربي وأن يوفر خلفية إيجابية للتطبيع.
والسؤال هو: ماذا سيحدث إذا لم يتحقق أي تقدم بين إسرائيل والفلسطينيين في المستقبل القريب؟ ماذا لو استمرت الحالة الراهنة لعدم السلام أو الحرب لبضع سنوات أخرى؟ كيف سيؤثر ذلك على حالة العلاقات بين إسرائيل وشركائها في العالم العربي ومصر والأردن؟ وما من شك في أن التحرك الجاد نحو التطبيع الحقيقي لا يمكن أن يحدث إلا عندما يحدث شيء على الساحة الفلسطينية، ولكن حتى يحدث ذلك يجب على إسرائيل أن تبذل جهدًا أكبر.
ولتحقيق ذلك، ستحتاج إلى وزارة خارجية وظيفية ومستقلة وبعض المثابرة وربما بعض المساعدات من البلد الذي ساعد في ذلك الوقت على تحقيق السلام بين إسرائيل ومصر، الولايات المتحدة.
يجب على الجهات الفاعلة الرئيسية في السياسة الخارجية أن تدرك أن السلام الإسرائيلي المصري اليوم يتم إفراغه من معناه الحقيقي، وأن الوضع يتدهور رغم التعاون العسكري الوثيق، وترجع بعض الأسباب إلى عدم اكتراث رجال الدولة بمكونات السلام – التجارة والثقافة والمجتمع المدني والدبلوماسية.