حذرت عضوة الكنيست الإسرائيلي “كسينيا سفيتلوفا” من إمكانية تكرار سيناريو ثورة يناير 2011، حال استمر تراجع سعر الجنيه المصري، معتبرة أن الثورة القادمة ستكون أكثر دموية.
واعتبرت “سفيتلوفا” التي كانت حاضرة كصحفية في ميدان التحرير خلال ثورة يناير وتظاهرات يونيو 2013 ضد نظام الإخوان المسلمين، في مقال نشرته صحيفة “معاريف” بتاريخ 7 مارس 2017 أن الحكم ببراءة مبارك هو العزف الأخير في سيمفونية الثورة المصرية.
جدير بالذكر أن الإسرائيلية ” سفيتولفا” (نائبة عن المعسكر الصهيوني) ولدت في موسكو عام 1977 وهاجرت إلى إسرائيل عام 1991، وعملت في السابق صحفية ومحللة للشئون العربية بالقناة التاسعة الإسرائيلية منذ عام2002، وأجرت مقابلات مع عدد من الزعماء العرب بينهم ياسر عرفات ومحمود عباس والشيخ أحمد ياسين وزعماء في حزب الله اللبناني.
إلى نص المقال..
في نهاية الأسبوع الماضي قررت المحكمة في مصر تبرئة حسني مبارك، الرئيس السابق الذي قضى الأعوام الماضية في سجن طرة بتهمة قتل متظاهرين في ميدان التحرير شتاء 2011.
لم تصدم الأخبار المجتمع المصري، الذي انتفض قبل ستة سنوات ضد مبارك ، وتابع بفارغ الصبر “محاكمة القرن” التي بدأت في نفس العام.
الكثير من المياه مرت في النيل منذ ذلك الوقت: أحداث مأساوية، عمليات إرهابية، قتل وثورات. يمكن تفهم اللامبالاة حيال الحكم. السكان في مصر الذين يقتربون من 100 مليون، يواصلون الحياة، يناضلون من أجل البقاء، وأحداث الربيع العربي ومحاكمة مبارك باتت أخبارا بعيدة. هذه التبرئة بمثابة العزف الأخير في سيمفونية الربيع المصري.
في يناير 2011، في ميدان التحرير بالقاهرة، قمتُ بتصوير التظاهرات الحاشدة، ودهس المتظاهرين بالجمال، والنساء والرجال الذين جاءوا من كل صوب وحدب في مصر، ومن كافة طبقات المجتمع، للمطالبة باسترجاع دولتهم من يد حاكمها. كانت هناك آمال عريضة.
تمنى المتظاهرون توزيع الثروة الطائلة لمبارك بشكل متساو على كل الفقراء، وكان كهؤلاء الذين حلموا بشنقه في ميدان التحرير. سألتهم، هل سيحسن ذلك حياتكم؟ لم يعرفوا كيف يجيبون.
كان الإخوان المسلمون حاضرين أيضا في الميدان، لكنهم وقفوا جانبا- انتظارا لللحظة المناسبة، التي جاءت بعد شهور معدودة. كان هناك آخرون- شباب حلموا بمصر عصرية، تسودها العدالة الاجتماعية، حلموا براتب مناسب، ومعاش معقول، وتعليم جيد للأطفال.
مرت أيام اندلاع الربيع العربي. كان الواقع الذي استفاق عليه المصريون قاسيا. بعد فترة حكم الجيش خلالها البلاد، انتخب في أول انتخابات شفافة بتاريخ مصر رئيس إسلامي، مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسي.
حقق الإخوان المسلمون الحلم، لكن ليس حلم الآلاف الذين تخوفوا منهم. في يونيو 2013 عدت ُ للقاهرة وشاهدتُ الملايين الذين تدفقوا على ميدان التحرير وأقسموا على إسقاط مرسي. الآن، بعد ست سنوات على اندلاع الربيع المصري، يحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي البلاد.
السيسي، الذي حلم هو الآخر بمصر مختلفة. انتخب بأغلبية كبيرة في انتخابات 2014 ومنذ ذلك الوقت يحاول تحسين الأوضاع في مصر، يتحدث عن إصلاحات، محاربة الإرهاب والتطرف، يوسع قناة السويس، يحاول جذب استثمارات أجنبية ويدعو لمفاوضات مع الفلسطينيين بدعمه ودعم الأردن.
لكن مصر لا تزال تتزلزل، وسوف تستمر هكذا في المستقبل القريب. الفجوات بين الأغنياء والفقراء تواصل الاتساع، داعش يستوطن سيناء، ويسيطر على مناطق واسعة، وينفذ اعتداءات ضد قوات الأمن المصري والمواطنين، ويطرد طوائف الأقباط القديمة، ويهدد سلامة الدولة. أولئك الذين ملؤوا ميدان التحرير، يشتكون من نفس الشيء.
الثورة التي ولدت من الفوضى، على ما يبدو محكوم عليها بالفشل. الآن يبنون في ميدان التحرير مراكز تجارية، على أمل أن يمتليء الميدان بالسياح، الذين يعودون لزيارة الأهرامات والتنزه في النيل.
لكن حال استمر تراجع الجنيه، فلن يتحقق الأمن، ولن يكون هناك تقدم في الإصلاحات التي يتبناها السيسي، بل إن سيناريو 2011 يمكن أن يكرر نفسه، هذه المرة مع مزيد من الدماء.
مصر هي أهم دولة بالعالم العربي. نجاحها ورفاهها مهمان لإسرائيل. فبدونها لا يمكن تحقيق استقرار بالمنطقة. لم ينجح مبارك في هذه المهمة، وسيبقى ذلك ميراثه للأبد.